قطع الأخ بذيء اللسان عظيم الأنا

أستحلفك بالله وأرجوك بالخالق أن تُجيبني. هل يجوز لي قطع صلة هذا الرحم الأخ؟
لي أخٌ بذيء اللسان، لدرجة يَصعُب تخيُّلُها، غيَّاظ، عظيم الأنا، أنا كل شيء، أنا بلا حدود مع الأب والأم والإسلاميين.
هذا نبتة معوجة لم أرَ مثلها لا في العائلة ولا خارجها، وأنا أعاني الأذى كلَّ الأذى، لدرجة أني أُجاهد نفسي ألا أدعو عليه، ولا أخبئ عليك أني أحيانًا أدعو بشديد الدعاء، كالحرق أو تهشيم الرأس أو ما شابه؛ لشدة غيظه لي، وأقول أحيانًا: اللهم لا تستجب.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الهجر إن كان لاستصلاح أحوال المهجور وليس لحظوظ النفس وأهوائها، فهو من المواقف المشروعة في التعامل مع المبتدعة والعصاة، شريطة أن يغلب على الظنِّ أنه يُؤتي أُكُله ويُحقق مقصوده من ردِّ المهجور إلى الطاعة، أو تقليل مفاسده على الأقل، وقد هجر النبيُّ ﷺ الثلاثة الذين خُلِّفوا وأمر بهجرهم، حتى تحققت لهم توبة الله عليهم(1).
ولكن الغالب على أزمتنا هذه غلبة المصلحة في التألف والمداراة عن الهجر والمجافاة، فاصبر على أخيك، وادفع بالتي هي أحسن السيئة، وصِلْه وإن قطعك، وأعطه وإن حرمك، وأَحسِن إليه وإن أساء إليك، وادعُ له بدلًا من الدعاء عليه، وحسبه أنه فتح عليك أبوابَ عبودية الصبر، ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10]
وأتركك في النهاية مع هذا الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أصلهم ويقطعوني، وأُحسن إليهم ويُسيئون إليَّ، وأَحلُم عنهم ويجهلون عليَّ؟ فقال: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكأنَّمَا تُسِفُّهُم المَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ الله ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذلِكَ». والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «المغازي» باب «حديث كعب بن مالك» حديث (4418)، ومسلم في كتاب «التوبة» باب «حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه» حديث (2769)، من حديث كعب بن مالك  رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend