ماذا أفعل لوالدي الذي يهجر أمي ويرفض العيش معها بسبب كبرها في السِّنِّ وإجرائها لعمليَّة جراحية أثَّرت على حياتها الزَّوجيَّة، علمًا بأنه تزوَّج سرًّا ثم طلَّق الزَّوجة الثَّانية ويُريد الزَّواج من أخرى ويرفض كلَّ محاولات لَـمِّ شمل الأسرة إرضاءً لرغباته الشَّخصية. هل مقاطعتي له بنيَّة الضَّغط عليه لكي يعود إلى رشده وبنية عدم معاونته على ظلمه حلالٌ؟ وإذا كان لا فما هو موقفي تجاهه؟ علمًا بأنه قد فعل الكثير الذي أساء إلينا فيه ولطالما اتَّقيتُ اللـه  فيه.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فما كان ينبغي لأبيكم أن يهجر أمَّكم لكبر سنِّها أو لضعفها ومرضها، فإن ««حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الإِيمَانِ»»(1)، ومحاولاته للزَّواج قد تكون مشروعةً إذا كان يخاف على نفسه العنت، وإن كان لا ينبغي للزَّواج أن يكون سرًّا، ولكن لا تُلجئوه إلى ذلك بكثرة نكيركم عليه. فانصح أباك بما ترى أنه أرضى لله وأعبد له، وليست لك مقاطعته، بل الصَّبر والبرُّ والمناصحة، والدُّعاء له بالتَّوفيق والهداية.
زادك اللهُ حرصًا وتوفيقًا، ونفع بك أمَّك وأباك؛ إنه وليُّ ذلك والقادر عليه، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (1/62) حديث (40)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (1/319) حديث (1000)، والطبراني في «الكبير» (23/14) حديث (23)، من حديث عائشة ل، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين فقد اتفقا على الاحتجاج برواته في أحاديث كثيرة وليس له علة»، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» حديث (2056).