زنى غير المحصن في رمضان

يا فضيلة الشَّيخ، أُريدك أن تُفيدني عن الزنى في رمضان، ووقته وقت صلاة الفجر، والإنسان مُحصَن ولكن لم يدخل بزوجته ولكن كتب عليها الكتاب والآن هو تائبٌ ونادم أشدَّ الندم ولكن يُريد أن يعرف ما عقوبته؟ وهل يوجد بينه وبين المحصن الذي دخل على زوجته فرقٌ في العقوبة؟ وزواجه بعد شهرين من الآن ودمتم يا شيخ صلاح.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الزنى من الكبائر والـموبقات، فـ«لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ»(1). و«إِذَا زَنَى الرَّجُلُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ فَكَانَ عَلَيْهِ كَالظُّلَّةِ، فَإِذَا أَقْلَعَ رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ»(2). ويزداد الأمر فحشًا عندما يكون في رمضان حيث تضاعف الحسناتُ والسَّيِّئات، وحيث تتعلَّق القلوب بخالقها تطلُّعًا إلى رحمته وأملًا في مغفرته.
وعلى كلِّ حالٍ لا يعظم ذنبٌ على التَّوْبة إذا كانت صادقة خالصة نصوحًا، فعلى من تورَّط في ذلك أن يغسل بحرقة الندم ومدامع المتاب آثارَ هذا العار وآثار هذه الفاحشة المبينة، وأن يُتبع السيئة الحسنة تَمْحُها(3)، فإن الحسنات يُذهبن السَّيِّئات(4).
ولا وجه للحديث عن العقوبة والفرق بين المحصن وغيره؛ لأن إقامةَ الحدود تُناط بالسلطان، فهي من مهمات الدَّوْلة الإسلاميَّة التي تقوم على مرجعية الشَّريعة ولا تفصل بين الدِّين والدَّوْلة، ولا دخل للآحاد من النَّاس في شيءٍ من ذلك، ولكن تُفرق الشَّريعة في العقوبة بين المحصن وهو الذي سبق له الوطء في نكاحٍ صحيح وغير المحصن، فتجعل عقوبة المحصن الرجم وعقوبةَ غيرِه الجَلْد والتغريب، فإذا كُنتَ لم تدخل بزوجتك بعدُ فلا تزال لستَ بمُحصَنٍ، وعقوبتك على افتراض وجود الكيان الإسلاميِّ الذي يُقيم الحدود هي الجلد والتغريب.
هذا، وقد أرشدت الشَّريعة مَن تورَّط في شيءٍ من هذه القاذورات أن يستتر بستر الله عليه، وأن يتوب بينه وبين ربِّه عز و جل ، فقد رُوي عن رسول الله ﷺ أنه قال: «مَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ الله؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ الله عز و جل »(5)، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 110] واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) متفق عليه.

(2) أخرجه أبو داود في كتاب «السنة» باب «الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه» حديث (4690)، والترمذي في كتاب «الإيمان» باب «ما جاء لا يزني الزاني وهو مؤمن» حديث (2625)، والحاكم في «مستدركه» (1/72) حديث (56)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا برواته وله شاهد على شرط مسلم». وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» حديث (509).

(3) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (5/153) حديث (21392)، والترمذي في كتاب «البر والصلة» باب «ما جاء في معاشرة الناس» حديث (1987) من حديث أبي ذر رضي الله عنه ، قال: قال لي رسول الله ﷺ: «اتَّقِ الله حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْـحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».

(4) ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: 114]

(5) أخرجه الشافعي في الأم (7/367) وقال:  منقطع ليس مما يثبت به هو نفسه حجة.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend