من شدة كراهة الحرام أصبحت أخشى الحلالَ بعدما استشعرت فداحة ما يُرتكب من كفرٍ بالله، لديَّ خوفٌ ورعب هائل من الحرام جعلني أُحجم عن التَّعامل مع المقرَّبين، وقد عشتُ عمري كلَّه بالصَّبْر، عشت مع الوحدة التي اعتدت عليها، هل إن أغلقتُ بابي في وجه الجميع ومن بينهم الـمُسنِّين أكون قد أغضبتُ اللهَ؟ إنني أصبحتُ أكره الاثنين معًا: القريب، والغريب. والله تعالى أعلى وأعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فخشيتك من الحرام خشيةٌ مشروعة ما لم تَغْلُ فيها فتحملك على قطيعة الرحم واعتزال الحياة ومقاطعتِك كما تذكر للقريب والبعيد على حدٍّ سواء، إنني أخشى أن يكونَ هذا من جنس تلبيس إبليس عليك فيُوصد عليك أبوابًا كثيرة من الخير، فراجع هذا الموقف، وتذكَّر رحمة الله عز وجل ، وأنه لم يجعل على عباده في الدِّين من حرج(1)، وأن التدين لإسعاد البشر وليس لإشقائهم وحَمْلهم على الانسحاب من الحياة.
فاتَّق الله ما استطعت(2)، واستعن بالله ولا تعجز(3)، ونسأل اللهَ أن يُلهمك رشدك، وأن يُريك الحقَّ حقًّا ويرزقك اتِّباعه، والباطل باطلًا ويرزقك اجتنابه، وأن يُغنيَك بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) قال تعالى: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
(2) قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: 16].
(3) أخرجه مسلم (2664).