أنا متزوجة ولي أبناء، وأبي متزوج من أخرى، ولا يحب زيارتي له؛ لأن زوجته تضيق، وأكتفي بالهاتف معه، وهذا يسعده، فهل عليَّ إثم؟ وهل أنا قاطعة للرحم؟ مع العلم هو لا يريد أن يراني، والمكالمة الهاتفية يراها كافية وتسعده.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن صلة الرحم من الأمور النسبية، فقد تتحق بمكالمة هاتفة، أو بعطية مادية، أو بغوث عند الملمات، أو بزيارة في المناسبات، أو بالجمع بين ذلك كله إذا تيسرت الأسباب وسمحت الأوقات، وأدنى ذلك أن تبذل له حق المسلم على المسلم الواردة في قوله ﷺ: «حَقُّ الْـمُسْلِمِ عَلَى الْـمُسْلِمِ سِتٌّ». قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ الله فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ»(1).
مع الانتباه إلى أنه ليس الواصل بالمكافئ، بل الواصل من إذا قُطِعت رحمُه وصلها(2)، المهم أن يشعر ذو الرحم أنه على تواصل حميم مع ذوي قرباه، وأن يكون سعيدًا قرير العين بهذا القدر الذي يبذل له من صلة ومن توادٍّ، ولا أرى فيما ذكرت بأسًا ما دام الوالد قرير العين بذلك، ولا يتشوَّف إلى ما هو أبعد منه، بل قد يزعجه- كما ذكرت- تجاوز ذلك، وأسأل الله لك التوفيق والسداد. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «السلام» باب «من حق المسلم للمسلم» حديث (2162)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
(2) أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «ليس الواصل بالمكافئ» حديث (5991) مرسلًا عن حسن وفطر رحمهما الله.