شيخي الكريم، عندي مشكلة تؤرقني كثيرًا في حياتي، بعدما التزمت والحمد لله منذ عام، كنت على علاقة غير شرعية بفتاة، وعندما أردت الالتزام أردت الابتعاد عنها وأردت أن أقنعها بأن هذا الأمر حرام، ونحن على معصية، والله أدرى بذلك، فلم تقتنع بذلك، فلجأت إلى الكذب لعل الله يسامحني وأجد ضالتي عندكم إن شاء الله وقلت لها: إنني مسافر إلى الخارج. فلم تقتنع في البداية وظلَّت تُهاتفني وتتصل بي، والآن والحمد لله أنني انتهيت من هذا المشكل.
السؤال: ما حكم الكذب في هذه الحالة، هل يجوز، أم لا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن ما مضى من هنات وعثرات نرجو لك فيه من الله المغفرة، إن صدقت الله في توبتك، فإن ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 110]، والكذب محرم بالإجماع، إلا إذا تعيَّن طريقًا للخلاص من مأثم أكبر، وإلا في المواضع التي رخَّص فيها رسول الله ﷺ، وهي الحرب، والإصلاح بين الناس وحديث الرجل زوجته فيما يتعلق بالعاطفة ونحوه(1).
وعلى كل حال لن يكون الكذب أفحش مما كان منك مع هذه الفتاة من قبلُ من علاقة غير شرعية، فاستغفر الله من هذا ومن ذاك، وأحسن فيما بقي يغفر لك فيما مضى. ونسأل الله أن يرزقنا وإياك الهدى والتقى، والعفاف والغنى. والله تعالى أعلى وأعلم.
_____________________
(1) فقد أخرج أبو داود في كتاب «الأدب» باب «في إصلاح ذات البين» حديث (4921) من حديث أم كلثوم بنت عقبة ل قالت: ما سمعت رسول الله ﷺ يُرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث- كان رسول الله ﷺ يقول: «لَا أَعُدُّهُ كَاذِبًا: الرَّجُلُ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ يَقُولُ الْقَوْلَ وَلَا يُرِيدُ بِهِ إِلَّا الْإِصْلَاحَ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ فِي الْـحَرْبِ، وَالرَّجُلُ يُحَدِّثُ امْرَأَتَهُ وَالْـمَرْأَةُ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا»، وذكره الألباني في «صحيح سنن أبي داود» حديث (4921).