إعفاء اللحية وتقصير الثياب

فضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي. تحية طيبة وبعد:
ما هو قول فضيلتكم في مسألة اللحية والتقصير؟ علمًا بأني أسكن في إحدى قرى الصعيد التي ليس بها أي نشاط دعوي يذكر، فإذا أطلقت لحيتي أو قصرت ثيابي سأنال قدرًا من السخرية من أهلي ومن الناس، فهل يجوز أن أتركهما؟
ثانيًا: هل يُعد تركي لهذين الأمرين شركًا بالله؟ وما هي الأعمال التي يجب فعلها أو تركها لتجنب الدخول في حظيرة الشرك بالله؟ولفضيلتكم جزيل الشكر.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
إعفاء اللحية من الهدي النبوي الذي وردت فيه النصوص الصحيحة والصريحة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خَالِفُوا المشْرِكِينَ، أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى».
وكذلك تقصير الثياب بحيث لا تتجاوز الكعبين، فإن ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار، واختلف أهل العلم: هل الوعيد الوارد في هذه النصوص خاص بما كان من ذلك على سبيل الخُيَلاء أم أنه مطلق يشمل ذلك وغيره، والسلامة والاحتياط أن ترفعَ ثوبك فإنه أنقى لثوبك وأرضى لربك، أما الضرورات فإنها تقدر بقَدْرِها بعد معرفة الحكم الأصلي الوارد في هذين الأمرين، فمَن كان يعيش تحت وطأة ضرورة حقيقية يخشى منها على نفسه من إيذاء لا قِبَل له به فإنه يترخص بالقدر الذي يرفع عنه هذا الأذى، على أن تقدرَ الضرورة بقَدْرِها ويسعى في إزالتها.
وليست من الإيذاء المسوغ للترخص مجرد السخرية، فلم يزل المبطلون يسخرون من أهل الحق على مدار القرون، فما صدهم ذلك عن دينهم ولا زحزحهم عن عبادة ربهم! فقد قال جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ﴿29﴾ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ﴿30﴾ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَىٰ أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ﴿31﴾ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَضَالُّونَ ﴿32﴾ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ ﴿33﴾ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ﴿34﴾ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ﴿35﴾ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴿36﴾ [المطففين: 29- 36]. وقال جل وعلا: إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴿109﴾فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ ﴿110﴾ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ [المؤمنون: 109- 111].
ولا يعد حلق اللحية ولا إطالة الثوب على سبيل الخيلاء من الشرك الأكبر، بل إن ذلك من جملة الذنوب والمعاصي التي يفوض أمر الـمُصرِّين عليها إلى الله عز وجل، إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم. والله من وراء القصد، وهو تعالى أعلى وأعلم.
حكم الأخذ من اللحية أو تهذيبها

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   01 الطهارة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend