من وقع في الكفر جاهلًا

من وقع في الكفر جاهلًا بأنه كفر بل يعلم أنه معصية؛ مثل من لا يصلي هو كافر على مذهب أحمد، ومثل من يسبُّ الله ورسوله وهو يظن أن هذا معصيةٌ ما دام أنه لم يستحلَّ السب واللعن، ولو كان هذان يعلمان أنهما واقعان في الكُفر لسارعوا في نبذِه والتوبة منه. هل لو مات هذان يموتان على الكفر ويخلدان بالنار إن ماتا دون توبة؛ وإن ماتا على جهلهما وهما يحسبان نفسهما مسلمين؟ وهل يجب عليهما التشهد بنية الدخول للإسلام والتوبة من الكفر رغم أنه لم يكن يعلم حين وقوعه بالكفر بأن ذلك كفر؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يبتعد عن المعاصي كلها، كبيرها وصغيرها، وأن لا يستهين بالمعصية بسبب أنها دون الكفر، فعن سَهْلِ بن سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، كَقَوْمٍ نَزَلُوا في بَطْنِ وَادٍ فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حتى أنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ»(1).
وعن أَنَسٍ رضي الله عنه قال: إنكم لتعملون أعمالًا هي أدقُّ في أعينكم من الشَّعر، إنَّا كنا لنعدُّها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات(2).يعني بذلك الـمُهلِكات.
وعذر الجاهل بجهله في قضايا الإيمان والكفر من مسائل النظر عند أهل العلم، والذي يظهر لنا أنه إذا كان الأمرُ جليًّا لا يخفى على آحاد الناس- أنه كفر، كسبِّ النبي صلى الله عليه وسلم، أو إهانة المصحف وتلطيخه بالقاذورات ونحوه، فمن باشره فقد وقع في الكفر.
وإن كان دقيقًا خفيًّا فلا يكفر إلا بعد البلاغ والإصرار. فيتفرَّع القولُ في هذه المسألة على القول في ذلك. والله تعالى أعلى وأعلم.

—————————-

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/331) حديث (22860)، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/190) وقال: «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح».
(2) أخرجه البخاري في كتاب «الرقاق» باب «ما يتقى من محقرات الذنوب» حديث (6492).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   09 نواقض الإيمان., 15 الحدود

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend