بيع الذهب بالمواعدة والإلزام

بيع الذهب بالمواعدة والإلزام

السؤال:

ما حكم بيع الذهب بالمواعدة والإلزام ؟ حيث يوجد في سوق الذهب عُرفٌ اسمه القطع،

يعني يقول للبائع: كم سعر الذهب اليوم؟ فيجيبه مثلًا: 260. فيقول له: قطعت معك.

يعني ينفد البيع والشراء على هذا السعر مهما اختلف السعر بعد ساعة أو 10 أيام،

والطرفين مُلزَمين بعد ذلك بتسليم الذهب واستلام النقود. ما الحكم في هذه المعاملة؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

فإن الأصل في بيع الأموال الربوية التقابضُ عند اختلاف الجنس والتماثل، والتقابضُ عند اتحادِه لحديث:

«الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْـمِلْحُ بِالْـمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ،

فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ»(1).

والمعاملة المذكورة من جنس المواعدة على الصَّرف، والمواعدة على الصرف من مواضع النظر بين أهل العلم،

والظاهر جوازها إذا انتفى فيها الإلزام؛ لأن التواعد ليس بيعًا.

فإن كانت ملزِمةً كما هو واقع النازلة المسئول عنها أصبحت كالعقدِ، وصارت من جنس بيع الكالئ بالكالئ وهو منهيٌّ عنه،

قال ابن حزم:

«والتواعد في بيع الذهب بالذهب أو بالفضة، وفي بيع الفضة بالفضة وفي سائر الأصناف الأربعة بعضها ببعض جائزٌ تبايعَا بعد ذلك أو لم يتبايعا؛  لأن التواعد ليس بيعًا.

وكذلك المساومة أيضًا جائزة تبايعَا أو لم يتبايعا؛ لأنه لم يأت نهيٌ عن شيء من ذلك، وكل ما حرِّم علينا فقد فصِّل باسمه،

قال تعالى:  وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ [الأنعام: 119].

فكل ما لم يفصَّل لنا تحريمُه فهو حلال بنصِّ القرآن؛ إذ ليس في الدين إلا فرضٌ أو حرام أو حلال،

فالفرض مأمور به في القرآن والسنة، والحرام مفصَّل باسمه في القرآن والسنة،

وما عدا هذين فليس فرضًا ولا حرامًا، فهو بالضرورة حلال إذ ليس هنالك قسم رابع. وبالله تعالى التوفيق»(2).

والخلاصة: أن هذه المعاملة المذكورة مع الإلزام لا تحلُّ. والله تعالى أعلى وأعلم.

———————————-

(1) أخرجه مسلم في كتاب «المساقاة» باب «الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا» حديث (1587) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
(2) «المحلى» (7/465-466).

 

يمكنكم الإطلاع على المزيد من فتاوى الربا والصرف لفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي

كما ويمكنكم متابعة كافة الدروس والمحاضرات والبرامج الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend