حول الصيد بالشِّباك

الصيد بالشِّباك وإمكانية وقوع الحيوانات غير المقصودة، وجرحها أو كسر عظمها أو قتلها. هل يعتبر هذا تعذيبًا؟ وهل يؤكل الصيد إذا وجد فيها ميتًا؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلم يزل الناس يصيدون بالشِّباك بغير نكيرٍ، ولم يكن الشأن في الشباك أنها تكسر أو تعذب الحيوان الذي يقع بها، إلا إذا غلب هذا في شباك بعينها، فهذه التي يتحرَّج من الاصطياد بها دون غيرها. وهذه الشباك المنصوبة لا تخلو من أحد أمرين:
الأول: أن تكون حبالًا خالية من كل مُحدِّد، أي ليس فيها سلاح حاد كالسكين، فهذه لا يحلُّ الصيد الذي مات فيها؛ لأنه لم يأخذ حكم الذكاة الشرعية، وهو ما عليه عامة الفقهاء، إلا ما روي عن الحسن من جوازها إذا سُمِّي عند نصبها وهو قول شاذ لا يعمل به.
الثاني: أن تكون محتويةً على سلاحٍ حاد، يموتُ الصيد عند اصطدامه بذلك السلاح كالسِّكين، وهذه محلُّ خلاف بين العلماء:
قال قوم: هي صيدٌ حلالٌ لو سُمِّي. وقال آخرون: هي حرام لأنها ميتة، ولم تُذكَّ ذكاةً شرعية.
وسببُ الخلاف في المسألة هو: هل يُشترط أن يكون مبدأُ الفعل من الصَّياد ويكون متصلًا حتى يُصيبَ كمن يرمي بالسهم؟ أو لا يشترط أن يكون متصلًا؟
فمن اشترط قال: لا يحل ما صِيد هكذا، ومن لم يشترط قال: يحلُّ.
وقاس المانعون هذه الحالة بالشاة التي سقطت على السكين فقطع حلقومها فهي حرامٌ.
ويناقش أن هذا قياسٌ مع الفارق، فواضع الشبكة ينوي الصيدَ ويسمِّي، وتلك الشاة سقطت دون إرادة صيد فهي ميتة.
واستدل المجيزون بقوله تعالى: { تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94]. وبما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ»(1). ‏أَيْ مَا صِدْته بِالرَّمْيِ.
والأحوطُ تركُها، وعدمُ اللجوء إلى هذه الطريقة، فما أدركته فيها حيًّا فكُله، وما أدركته ميتًا فدعه. والله تعالى أعلى وأعلم.

______________

(1) أخرجه أبو داود في كتاب «الصيد» باب «في الصيد» حديث (2856)، والترمذي في كتاب «الصيد» باب «ما جاء ما يؤكل من صيد الكلب وما لا يؤكل» حديث (1464) من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، وقال الترمذي: «حسن صحيح».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   16 الأطعمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend