نجاسة الكلب

ما حكم السكن في البيوت التي عاشت فيها كلاب؟ وما الذي يجب عمله قبل العيش فيها؟ وهل للفترة الماضية منذ رحيلها عنها أهمية؟ أي إذا كان عاش كلب في البيت قبل سنة أو شهر أو غير ذلك. جزاكم الله خيرًا.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
جمهور أهل العلم على نجاسة الكلب، وعلى أنه يغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب بسبب هذه النجاسة، وخالف في ذلك المالكية فقالوا بطهارة سؤره وريقه، ولكل من الجمهور والمالكية أدلتهما على ما ذهبا إليه.
ومن أدلة الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم: «طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ».
ومن أدلة المالكية على ذلك حديث البخاري: «كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكونوا يرشُّون شيئًا من ذلك». وقد ساق البخاري هذا الحديث في كتاب الطهارة.
قال السيوطي: إن البخاري فقيه، ودلالة الفقه في «صحيحه» أكثر من دلالتها في غيره؛ وذلك لفقهه، ولذا يقول العلماء: فقه البخاري في تبويبه، وقد يبوب الباب لمسألة فقهية ولا يورد فيها أي حديث؛ لأنه صح عنده حديث في معنى الباب، ولكن ليس على شرطه في الصحة، فيأتي بالمعنى تحت الباب ولا يسوق الحديث؛ لأنه دون ما اشترطه، وقد يترجم للمعنى ويأتي بحديث في الظاهر أنه بعيد جدًّا، ولكن المعنى موجود فيه، فهنا البخاري بوب: كانت الكلاب تروح وتغدو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه في عام الوفود سنة تسع كان صلى الله عليه وسلم ينزل الوفود في المسجد، ولما جاء وفد بني ثقيف في السنة التاسعة أنزلهم في المسجد، ونصب خيامهم في المسجد، وكان يشرف على خدمتهم، وكان ذلك في رمضان؛ ليروا حال المسلمين في صيامهم وفطورهم، ويروا تلاحمهم وإخاءهم، ولذلك لم يخرج رمضان إلا وقد أسلموا جميعًا. قال البخاري: كان هؤلاء القوم في المسجد، وكان يؤتى لهم بالطعام، وحاسة الشم قوية عند الكلب، فهو يمشي ويتشمم في تربة الأرض، ومعلوم أنه إذا تشمم الكلب تربة الأرض فإن لسانه يلهث أيضًا، فلابد أن يصيب لعابه التربة، ولم يأمر صلى الله عليه وسلم بغسلها، ولا بصب الماء عليها كما أمر في قصة بول الأعرابي، ولا أمر بمسح التراب عن مواضع تشمم الكلاب في المسجد، ولو كان سؤر الكلب نجسًا لمنعت الكلاب من ذلك، وتتبع مواطنها، وطهرت بما يمكن أن تطهر به.
والخلاصة: أن الأمر في باب الآنية أضيق منه في غيرها، فطهارة الأماكن أوسع من طهارة الآنية، فاجتهد أيها الحبيب في تنظيف هذا المكان ما استطعت ولا يكن في صدرك حرج مما وراء ذلك، فإن الأمر في ذلك واسع وهو في محل الاجتهاد. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   01 الطهارة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend