الأخذ بالحدود السياسية للدولة في مسألة رؤية الهلال

جزى الله أستاذنا وشيخنا فضيلة الأستاذ الدكتور الداعية المبارك صلاح الصاوي خير الجزاء على ما يبذله لنا من علمه ووقته في الرد على ما يرد من استفتاءات للمجمع. وأسأل الله عز وجل أن يجعل ذلك في ميزان حسناته يوم يلقاه، وأن يُبَارك في علمه، وأن ينصُرَ به وبعلمائنا الأفاضل الدين، اللهم آمين.
وأود أن أُبَشِّرَ فضيلته بأن ردوده وإجاباته قد أثلجت صدري وأزالت همي، ولكن ورد علي إشكال وَدِدت أن أعرضه على فضيلته، وأرجو ألا أكونَ قد أثقلت عليه؛ فإني ألتمس له ألف عذر بسبب تزاحم انشغالاته وضيق وقت فضيلته. والإشكال هو: هل يؤخذ بالحدود السياسية للدولة في مسألة الهلال؟ بمعنى أنه إذا اشترك الجزء الشرقي من بلد كبير المساحة مع البلد التي رأت الهلال في جزء يسير من الليل، ولم يشترك الجزء الغربي؛ حيث إن فرق التوقيت تقريبًا بين الجزء الشرقي من هذا البلد والجزء الغربي منه ثلاث ساعات- هل تصوم الدولة كلها أم يصوم الجزء الشرقي ويكون للجزء الغربي رؤيته الخاصة؟
وإشكال آخر: لو ظهر الهلال في المغرب، فكيف ينوي الصوم بلد في المشرق يشترك معه في جزء يسير من الليل، فهناك احتمالية ألا يصل الخبر إلى جميع أهل البلد خاصة مع ضيق الوقت المتبقي عندهم على طلوع الفجر، وكون بعضهم نيامًا، فهل سينوي كلُّ فرد بأنه إذا كان غدًا من رمضان فهو فرضي، أم يجوز أن تكون النية بعد الفجر وقبل الزوال- كما نقل الماوردي عن الإمام أبي حنيفة في كتابه «الحاوي»؛ حيث قال: «وقال أبو حنيفة: إن نوى بعد الفجر وقبل الزوال لصوم مستحق الزمان كشهر رمضان والنذر الذي قد تعين زمانه أجزأه». وجزاكم الله خيرًا.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا علاقة للحدود السياسية التي تكون بين الدول بقضية الهلال من الناحية الشرعية؛ ففي حديث كُرَيْب الذي لم يأخذ فيه أهل المدينة برؤية معاوية وصيامه كانت المرجعية السياسية لكل من الشام والمدينة واحدة، ولم تكن إلا دولة الخلافة الراشدة التي تظلل الجميع، وإنما العبرةُ بالاشتراك في جزء من الليل كما هو قرار مجمع البحوث الإسلامية، وإلى أن تجتمع للأمة كلمة تحت راية واحدة فعلى أهل كل دولة اتباع البيان التي تصدره لهم الجهة الدينية المخولة بذلك على الصعيد الرسمي جمعًا للكلمة ودفعًا لآفات التفرق.
أما بالنسبة للإشكال الآخر؛ فإن العبرة بوصول الخبر إليهم في وقت مفيد، بحيث يتمكَّنون معه من الانتفاع بهذا الخبر والمبادرة إلى الصوم في إبانه، وقد أصبح العالم كلُّه في هذه الأيام بمثابة القرية الواحدة، بل الغرفة الواحدة.
ولكنني أؤكد لك مرة أخرى أيها الحبيب على ضرورة اتباع الإعلان الذي تصدره الجهة الدينية الرسمية المخولة بإصدار ذلك في بلدك؛ فإن هذا أولى بالاتباع. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   05 الصيام

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend