ترشيح المرأة نفسها لإدارة المساجد وإلقائها دروسًا للرجال

أرجو أن توضحوا لنا هذه المسائل بشيء من التفصيل: هل يجوز للمرأة أن ترشح نفسها لتصبح عضوًا أو رئيسة في لجنة المسجد بحجة أن لها حقوقًا؟ خاصة في بدء شيوع إزالة الحواجز في هذه الأيام بين الرجال والنساء في مساجد أمريكا خاصة.
ثانيًا: هل يجوز أن نستضيف امرأة لتلقي كلمة بالمسجد للرجال والنساء على السواء؟
ثالثًا: هل يجوز أن يأكل الرجال والنساء على طاولة واحدة في اجتماع مثل جمع التبرعات أو الوليمة والعقيقة أو أي مناسبة؟ علمًا بأن المتبرجات يكثرن في مثل تلك الاجتماعات ولا يمكن التحكم في ذلك بأمرهن بالحشمة؟ جزاكم الله خيرًا.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالذي يظهر أنه إذا نظر إلى السؤال الأول بمنطق النظر الفقهي المجرد فلا يوجد ما يمنع من ترشيح المرأة نفسها لكي تكون عضوًا أو رئيسة لجنة في مسجد، لأن هذا ليس من جنس الولايات العامة التي تمنع منها المرأة والتي ورد في مثلها قوله صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً».
ولكن يبقى النظر في المآلات، وفيما يحتف بذلك من الملابسات، والذي قد تختلف الفتوى بسببها إذا غلب جانب الفساد في بعض البيئات أو في بعض المواقع، وعلى أهل الفتوى في كل محلة تأمل هذه الملابسات بدقة واعتبارها عند تحقيق المناط.
أما استضافة امرأة لإلقاء كلمة في اجتماع عام فلا بأس به إذا اتبعت القواعد الشرعية المعروفة في خروج النساء ومواجهتهن للرجال، ووجد مقتض لذلك دونما تكلف أو اعتساف، كأن يكون لدى هذه المرأة من التخصص والتميز في موضوع الكلمة ما ليس لغيرها، أو أن يكون لكلمتها خصوصية بالنسبة للنساء، كأن تعرض حقوقهن أو تطالب برفع بعض المظالم عنهن، وفي حديث أسماء بنت يزيد دليل على ذلك، فقد أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي، إني وافدة النساء إليك، وأعلم نفسي لك الفداء أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات، وعيادة المرضى وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا أخرج حاجًّا أو معتمرًا ومرابطًا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال: «هَلْ سَمِعْتُمْ مَقَالَةَ امْرَأَةٍ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ مَسْأَلتِهَا فِي أَمْرِ دِينِهَا مِنْ هَذِهِ؟». فقالوا: يا رسول الله، ما ظنننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال لها: «انَصْرِفِي أَيَّتُهَا الْـمَرْأَةُ وَأَعْلِمِي مَنْ خَلْفَكِ مِنَ النِّسَاءِ أَنْ حُسْنَ تَبَعُّلِ إِحْدَاكُنَّ لِزَوْجِهَا وَطَلَبِهَا مَرْضَاتَهُ وَاتِّبَاعِهَا مُوَافَقَتَهُ تَعْدِلُ ذَلِكَ كُلَّهُ». فأدبرت المرأةُ وهي تهلل وتكبر استبشارًا.
أما الخلطة على موائد الطعام على النحو الذي يجري عند جمع التبرعات فلا نرى له مسوغًا مع ما شاع من التبرج بالزينة وسقوط الكلفة ورقة الدين. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend