التوسل برسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد موته(2)

ما صحة هذا الحديث: روى ابن عيينة، عن إسماعيل بن خالد قال: خطب عمرُ بن الخطاب أمَّ كلثوم بنت أبي بكر إلى عائشة، فأطمعته وقالت: أين المذهب بها عنك؟ فلما ذهبت قالت الجارية: تُزوِّجينني عمرَ وقد عرفتِ غيرته وخشونة عيشه، والله لئن فعلت لأخرجن إلى قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولأصيحن به. «الاستيعاب» لابن عبد البر (4/ 1807- 1808).
وفي «تاريخ دمشق» لابن عساكر (25 /96): أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، نا أبو الفضل بن البقال، نا علي بن محمد بن بشران، نا عثمان بن أحمد، نا حنبل بن إسحاق، نا الحميدي، نا سفيان، نا ابن أبي خالد: أن عمر خطب أمَّ كلثوم بنت أبي بكر إلى عائشة، وهي جارية، فقالت: أين المذهب بها عنك؟ فبلغها ذاك، فأتت عائشة فقالت: تنكحيني عمر يُطعمني الجَشْبَ(1) من الطعام، إنما أُريد فتى يصب على الدنيا صبًّا، والله لئن فعلتِ لأذهبن لأضحي عند قبر رسول الله.
___________________
(1) الجشب من الطعام: ما كان بلا إدام. «المعجم الوسيط» (جشب).
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن هذه القصة لا تصِحُّ؛ لصِغر أم كلثوم بنت أبي بكر، فإنها وُلِدَت بعد وفاة أبيها، فعندما تولى عُمَر خلافةَ المسلمين كانت في بطن أمها، فقد مات الصديق ولم تكن أم كلثوم قد وُلدت بعد.
قال ابن عبد البر في ترجمة حبيبة بنت خارجة: «زوجة أبي بكر الصديق، هي بنت خارجة، التي قال فيها أبو بكر في مرضه الذي مات منه: إن ذا بطن بنت خارجة قد أُلقي في خلدي أنها جارية. فكانت كذلك جارية. وُلِدَت بعد موتِه فَسَمَّتْهَا عائشةُ أمَّ كلثوم، ثم تزوجها طلحة بن عبيد الله فولدت له زكريا وعائشة ابني طلحة. هذا قول أهل النسب»(1).
وخلافة عمر رضي الله عنه عشر سنين، فتكون أم كلثوم بنت أبي بكر صغيرة في خلافة عمر رضي الله عنه ، إلا إن كان ذلك في آخر خلافة عمر رضي الله عنه فيُحتَمل على ضعفٍ وغرابة.
وما كان الصحابة على كثرة ما ألمَّ بهم من فتن جسام يأتون قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ويُصيحون به أو يشتكون إليه، وهم أعلم وأحكم وأتقى وأورع. والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» لابن عبد البر (4/1807).

تاريخ النشر : 15 أغسطس, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 الإيمان بالرسل., 09 نواقض الإيمان.

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend