طلب الوالد من ولده المسكين رغم أن عنده ما يكفيه

سيدي الفاضل لي والد يعمل وعنده دخل يكفيه وهو منفصل عنا، وأنا ليس عندي دخل بل أكاد أكسب قوت يومي بالكاد وليس عندي ما أعطيه وهو يطمع في، فهل عليَّ ذنب في عدم إعطائه رغم أنني لا يوجد عندي ما يكفيني. أفدني جزاك الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فليس عجيبًا أن يطمع الوالد في ولده؛ فإن ولده من كسبِه؛ فقد روت أمنا عائشة ل: أن النبيَّ ﷺ قال: «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ»(1).
وما أطيب أن يترفَّق الولد بوالده، وأن يخفض له جناح الذل من الرحمة، وأن يبسط عذره بين يديه برفق، وأن يقرَّ عينه بما يتيسر له!
وللآباء قلوب ملؤها الشفقة بالأبناء والرحمة بهم، ولكن قد يكون هذا الإلحاح لوهم توهمه الوالد في دخل ولده وسعة رزقه، ورحم الله القائل:
وإذا رحمت فأنت أم أو أب
هذان في الدنيا هم الرحماء(2)

وما أطيب كذلك أن يترفَّق الوالد بولده، وأن يعينه على برِّه، وأن يُقدِّرَ ظروفه وضيق ذات يده، وأن يعلم أن قول النبي ﷺ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ»(3) لا يعني الإضرار بالولد، والتضييق عليه في قوت يومه الذي لا غنى له عنه بطلب توسعة هو في غنى عنها.
فالنصيحة طريق ذو اتجاهين: اتجاه يتجه نحو الولد في الصبر على أبيه، والإحسان إليه والبر به، فهو وصية الله عنده، { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: 8]، واتجاه يتَّجه نحو الوالد في تفهُّم ظروف ولده والرفق به وإعانته على بره، ونسأل الله أن يلهمهما جميعًا الرشدَ والتُّقى، وأن يرزقهما جميعًا العفافَ والغنى. والله تعالى أعلى وأعلم.

______________

(1) أخرجه أبو داود في كتاب «البيوع» باب «في الرجل يأكل من مال ولده» حديث (3528)، والترمذي في كتاب «الأحكام» باب «ما جاء أن الرجل يأخذ من مال ولده» حديث (1358)، وابن ماجه في كتاب «التجارات» باب «ما للرجل من مال ولده» حديث (2290). وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».

(2) هذا البيت لأحمد شوقي، وهو من بحر الكامل.

(3) أخرجه ابن ماجه في كتاب «التجارات» باب «ما للرجل من مال ولده» حديث (2291) من حديث جابر بن عبد الله t. وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (3/ 37) وقال: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات على شرط البخاري».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend