الطلاق في الغضب الشديد

أنا يا شيخ متزوج منذ خمس سنوات، في أول سنة طلقت زوجتي في حالة عصبية شديدة، وبعدها بعام حدثت مشكلة كبيرة جدًّا ضربتها كثيرًا وشتمتها وبدون وعي كفرت- اللهم اغفر لي- وحاولت التكسير، كنت فاقدًا السيطرة على أعصابي، وبدون إدراك وسيطرة طلقتها مرتين في نفس المشكلة.
ولكني والله لم أكن طبيعيًّا، فأنا عندي سُكَّرِي وأفقد أعصابي، وسألت مفتيًا بالهاتف قال لي: أنت أعلم الناس بوضعك الذي كنت فيه، فإذا ضربت وفقدت أعصابك فلا طلاق. وزوجتي مصرة على ذهابي له شخصيًّا، فهي خائفة من غضب الله، ولكني مقتنع بوضعي، فما رأيكم؟


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
صرف الله عنك الاضطراب، ورزقك السكينة والهدوء، وجمع بينك وبين زوجتك في خير ووئام، وصرف عنكما شياطين الإنس والجن، آمين آمين آمين.
اعلم رحمنا الله وإياك بأن ذمتك قد برئت بسؤال المفتي، لاسيما الحديث مع المفتي مباشرة، وليطمئن قلبك بأن الغضب الذي يكون كذلك لا أثر له في صحة تصرفات الإنسان، لأنه فقد السيطرة على نفسه، وكأنه قد أغلق عليه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا طَلَاقَ وَلَا عتاقَ فِي إِغْلَاقٍ» يعني الغضب، هذا نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى، حكاه عنه الخلال وأبو بكر في «الشافي».
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في «زاد المعاد» عند تقسيمه لأنواع الغضب الثلاثة: الثالث- أي النوع الثالث-: أن يستحكم ويشتد به فلا يزيل عقله بالكلية، ولكن يحول بينه وبين نيته، بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال، فهذا محل نظر، وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه.
وأظن أن حالتك هي الحالة الثالثة التي ذكرها الإمام ابن القيم : والتي رجح فيها عدم وقوع الطلاق حينئذ.
وكرِّر: أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ووساوسه وهمزه ونفخه ونفثه، ولتأخذوا بأسباب الاستقرار والهدوء والسكينة والرحمة في البيت، مستعينين بالله جل في علاه، بدوام قراءة القرآن لاسيما سورة البقرة، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وبالطبع الصلوات، والدعاء في السجود والسحر أي قبل الفجر وغير ذلك في مواطن الإجابة الزمانية والمكانية.
وننصح كذلك إن كنت دائم العصبية بعرض نفسك على طبيب، لعلك تكون مريضًا، وبالطبع يعرض هذا الأمر بحكمة وعقل لأن المرض النفسي ما زال مجهولًا عند كثير من الناس، ويقترن دائمًا بالجنون، وهذا خطأ محض بهذا العلم.
وندعو الله تعالى لنا ولكم بالهداية والسداد، والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend